الفصل العاشر
النّجاة لكلّ النّاس
1 إخوتي، إنّي في شَوقٍ عَظيمٍ، وأتَوَسَّلُ إلى اللهِ أن يَنجوَ شَعبُ بَني يَعقوبَ، 2 وأشهَدُ أنّهُم مُتَحَمِّسونَ للهِ، ولكنّهُم لا يَفهَمونَ. 3 ولأنّهُم لا يَفهَمونَ كَيفَ يَرضى اللهُ عن النّاسِ بفَضلِ السَّيّدِ المَسِيحِ، فقد حاولوا أن يُحافِظوا على طَريقةٍ تَخُصُّهُم فقط، فرَفَضوا طَريقَ اللهِ. 4 وإنّ الغايةَ القُصوى للشَّريعةِ هي الإيمانُ بالمَسيحِ المُنتَظَرِ، وكُلُّ مَن يَتَمَسَّكُ بِهِ يَنالُ مَرضاةَ اللهِ.
5 ولقد قيلَ إنّ كَلامَ النَّبيِّ موسى يَحمِلُ دَليلاً على أنّ اللهَ لا يَرضى عن النّاسِ إلاّ بانتِمائِهِم للشَّرعِ اليَهوديِّ حينَ قالَ: “مَن يَتَمَسَّكَ بكُلِّ هذِهِ الوصايا يَحيا حَياةً رَضيّةً”
* 6 ولكنّنا نَحن نَعلَمُ أنّ اللهَ يَرضى عنّا بالإيمانِ، وهذا الرِّضا لَيسَ مُستَحيلاً، وهو ما جاءَ في التّوراةِ:
† “لَستَ بحاجةٍ للصُّعودِ إلى السَّماءِ”، وكأنّكَ تَحتاجُ أن تَعودَ بالسَّيّدِ المَسيحِ مِنها لتَنال مَرضاةَ اللهِ.
7 ولا أنتَ بحاجةٍ “للنُّزولِ إلى أعماقِ الأرضِ” وكأَنّك تَحتاجُ أن تَجعَلَ السَّيّدَ المَسيحَ يَقومُ حَيًّا مِن بَينِ الأمواتِ لتَنالَ مَرضاةَ اللهِ أيضًا.
8 إنّما النَّجاةُ في مُتناولِكَ، ألا وهي التَّوَكُّلُ على سَيِّدِنا المَسيحِ، وهذا مَضمونُ دَعوتِنا بَينَ النّاسِ، كَما وَرَدَ في التَّوراةِ: “ما أقرَبَ بَلاغَ اللهِ مِنكَ، ومِلء قَلبِكَ تَشهَدُ بِهِ شَفتيكَ”.
‡ 9 كذلِكَ إن كُنتَ شاهِدًا بلِسانِكَ أنّ عيسى سَيِّدُ العالَمِينَ، وإن كُنتَ مُتَيَقِّنًا مِن كُلِّ قَلبِكَ أنّ اللهَ أحياهُ مِنَ المَوتِ، فإنّكَ مِن النّاجينَ.
10 فإن وَثِقَ شَخصٌ مِن قَلبِهِ بالسَّيّدِ المَسيحِ، وشَهِدَ بلِسانِهِ أنّهُ مَولاهُ، رَضي اللهُ عَنهُ وأنجاهُ.
11 كَما جاءَ في كِتابِ النَّبيِّ أشعيا: “ولا يَخيبُ كُلُّ مَن وَثِقَ بِهِ”.
§ 12 فلا فَرقَ بَينَ يَهوديٍّ وغَيرِ يَهوديٍّ، لأنّ مَولانا سَيِّدُ كُلِّ النّاسِ، يَفيضُ بنَعمتِهِ على كُلِّ مَن يَستَغيثُ بِهِ.
13 وهو ما وَرَدَ في كِتابِ النَّبيِّ يوئيل: “كُلُّ مَن يَستَغيثُ بمَولانا يُصبِحُ مِنَ النّاجينَ”.
* بنو يعقوب يرفضون رسالة الله
14 أيُعقَلُ أن يَطلُبَ النّاسُ عَونَ السَّيّدِ المَسيحِ، وهُم لا يؤمنونَ بِهِ؟ وكَيفَ يؤمنونَ بِهِ ولم يَسمَعوا عَنهُ؟ وكَيفَ يَسمَعونَ ولم يُخبِرهُم أحَدٌ؟
15 وهل يَحمِلُ البَلاغَ غَيرُ مَن أرسَلَهُم اللهُ مِنَ الحَوارِيِّين؟ نعم، إنّ اللهَ أرسَلَ إلى بَني يَعقوبَ هؤلاءِ المُخلِصينَ، كَما جاءَ في كِتابِ النَّبيِّ أَشعيا: “ما أحلى خُطُواتِ المُرسَلينَ الّذينَ يُبَشِّرونَ بالخَيرِ”.
† 16 ولكنّ رِسالةَ سَيِّدِنا المَسيحِ لم يَقبَل بها إلاّ قَليلٌ مِن بَني يَعقوبَ، إذ يَقولُ النَّبيُّ أَشعيا: “يا مَولاي، ما أقَلَّ المؤمنينَ بِرِسالَتِنا!”
‡ 17 فلا يَقدِرُ أحَدٌ على الإيمانِ إلاّ إذا سَمِعَ الرّسالةَ، أي رِسالةَ السَّيِّدِ المَسيحِ.
18 ولكنّني أقولُ: ألَم يَسمَع بَنو يَعقوبَ هذِهِ الرِّسالةَ؟ أجل، إنّهُم على عِلمٍ بِها، فقد جاءَ في المَزاميرِ: “سَمِعَتِ الأرضُ كُلُّها صَوتَ المُرسَلينَ، وبَلَغَ كَلامُهم الأرجاءَ كُلّها”.
§ 19 وأعودُ فأقولُ: “ألَم يَكُن بَنو يَعقوبَ يُدرِكونَ أنّ هذِهِ الرِّسالةَ مُوَجّهةٌ إلى كُلِّ الأُمَمِ؟” نعم، كانَ يَجِبُ أن يُدرِكوا ذلِكَ. فقد قالَ اللهُ في زَمَنِ النَّبيِّ موسَى: “لأُبارِكَنَّ أُمَّةً مِن غَيرِ بَني يَعقوبَ وأَجعَلُكُم تَغارونَ مِنهُم، وأَفيضُ بِرَحمَتي على أُمَّةٍ بِلا عِلمٍ فَتَغتاظونَ مِنهُم”.
* 20 وكانَ النّبيُّ أَشعيا جَريئًا حينَ أعلَنَ قَولَ اللهِ: “ها قد وَجَدَني الّذينَ لم يَبحَثوا عنّي، وتَجَلَّيتُ للّذينَ لم يَطلُبوني”.
† 21 ثُمّ اسمَعوا قَولَهُ تَعالى عن بَني يَعقوبَ: “بَسَطتُ يَديّ بالرَّحمةِ يَومًا بَعدَ يومٍ لشَعبٍ مُتَمَرِّدٍ عَنيدٍ”.
‡