الفصل الخامس
تحذير للأغنياء
1 انتَبِهوا أيُّها الأغنياءُ! عليكُم بالبُكاءِ والنَّواحِ على ما سيَحُلُّ عليكُم مِن شَـقاءٍ! 2 فكُنوزُكُم مَصيرُها التَّلَفُ وثِيابُكُم ستَلقى البِلى، 3 ويُصيبُ ذَهَبَكُم وفِضَّتَكُمُ الصَّدَأُ بِلا رَيبٍ. وسيَكونُ هذا الصَّدأُ دَليلاً على فَسادِكُم يَومَ الحِسابِ وسيُصبِحُ كَالنّارِ يَشوِي جُلودَكُم! إنّ المالَ الّذي جَمَعتُموهُ سيَكونُ دَليلاً على ظُلمِكُم يَومَ الدِّينِ! 4 فانظُروا إلى العُمّالِ الّذينَ يَشتَغِلونَ في حُقولِكُم ولم تَدفَعوا إليهِم أُجورَهُم، فهُم يَصرُخونَ للهِ، وحَتّى أُجورُهُم تَشتَكيكُم إلى اللهِ، وقد سَمِعَ اللهُ رَبُّ القوّاتِ صُراخَ الحاصِدينَ!* اعتمد عدد كبير من العمّال في فلسطين في القرن الأوّل للميلاد على أجرة يوميّة لشراء الطّعام لأنفسهم ولعائلاتهم، وكلّ تأخير في دفع الأجرة لهم يُعتبر حكما عليهم بالجوع. ويشير يعقوب هنا إلى أنّ التّوراة قد نهت عن تأخير في دفع أجور العمّال ولو ليلة واحدة، لأنّ الله ينتقم للعامل المظلوم (انظر التّوراة، سفر اللاّويين 19: 13 وسفر التّثنية 24: 14- 15). 5 أنتُم تَعيشونَ في بَذخٍ ورَفاهيَةٍ في هذِهِ الدُّنيا، وأشبَعتُم نُفوسَكُم مِثلَ عِجلِ مُهيَّإٍ لِيَومِ الذَّبحِ! 6 وحَكَمتُم على التَّقيِّ المُخلِصِ للهِ فقَتَلتُموهُ، مَعَ أنّهُ لم يُؤْذِ أحَدًا مِنكُم!
الصّبر والتّحمّل
7 أمّا أنتُم يا إخوتي، فَاصبِروا على هذا الظُّلمِ حَتّى يَتَجَلّى سَيِّدُنا (سلامُهُ علينا)! وانظُروا كَيفَ يَتَرَقَّبُ الفَلاَّحونَ بصَبرٍ نُزولَ مَطَرِ الخَريفِ ومَطَرِ الرَّبيعِ. وبَعدَها يَتَرَقَّبونَ الثِّمارَ الثَّمينةَ الّتي تَجودُ بها أرضُهُم.† يؤكّد الحواري يعقوب لقرّائه أنّ مضطهِديهم سينالون عقابهم، لذلك عليهم بالصّبر وانتظار عدالة الله وتجنّب العنف. وهذا لا يعني سكوتهم عن الظّلم أو منعهم من المقاومة بطريقة سلميّة. 8 فكونوا أنتُم أيضًا مِن الصّابِرينَ، وشُدُّوا أزرَكُم، لأنّ سَيِّدَنا المَسيحَ سيأتي بالنَّجاةِ قَريبًا! 9 يا إخوتي، لا يَتَذَمَّر أحَدُكُم مِن الآخَرِ، حَتّى لا يُحاسِبَكُم اللهُ على ذلِكَ! وانتَبِهوا! إنّ سَيِّدَنا عيسى، الحَكَمَ العادِلَ، واقِفٌ على الأبوابِ قَريبٌ مِنكُم! 10 إخواني، اِقتَدوا بالأنبياءِ الّذينَ تَحَمَّلوا الضِّيقَ والعَذابَ مِنَ الأشرارِ حينَ أتوا برِسالةِ اللهِ، وكانوا في ذلِكَ مِنَ الصّابِرينَ! 11 واصبِروا مِثلَهُم، فما أعظَمَ هَناءَ الصّابِرينَ! أما سَمِعتُم بصَبرِ النَّبيِّ أيُّوبَ رَغمَ ما واجَهَهُ مِن كَربٍ، وكَيفَ استَجابَ اللهُ لهُ في النِّهايةِ؟ لأنّ اللهَ بعِبادِهِ رَحمنٌ رَحيمٌ.
12 وإنّي لَمُحَذِّرُكُم يا إخوتي مِن أمرٍ خَطيرٍ: لا تَطلُبوا مِنَ اللهِ أن يَشهَدَ لصِحَّةِ ما تَقولونَ، حينَ تَتَكَلََّمونَ وتُقسِمونَ لَغوًا! فلا تَحلِفوا بِاللهِ ولا بالسَّماءِ ولا بالأرضِ ولا غَير ذلِكَ، بل قولوا الحَقَّ دائِمًا، حَتّى يَتَيَقَّنَ النّاسُ أنّكُم صادِقونَ حِينَ تَقولونَ “نعم” أو “لا”. ولَئِن أقسَمتُم باللهِ بُهتانًا وزُورًا، فإنّ ذلِكَ يَكونُ عِندَ اللهِ ذَنبًا كَبيرًا، وإنّ اللهَ شَديدُ العِقابِ!
قوّة الدّعاء
13 ولَئِن مَرَّ أحَدُكُم بضيقٍ فلْيَدعُ اللهَ، ولَئِن فَرِحَ فليَحمَدِ اللهَ. 14 وإن كانَ فيكُم مَريضٌ، فعليهِ أن يُنادِيَ شُيوخَ الجَماعةِ، وسيَدعونَ لهُ، ويَدهَنونَهُ بالزَّيتِ بِاسمِ سَيِّدِنا (سلامُهُ علينا)، 15 فإنّ دُعاءَهُم بالإيمانِ لِلمَريضِ شِفاءٌ، وبفَضلِ هذا الدُّعاءِ يُقيمُهُ السَّيِّدُ المَسيحُ مُعافى! فإن كانَ مَرضُهُ بسَبَبِ ما ارتَكَبَهُ مِن ذُنوبٍ، فاللهُ سيَغفِرُ لهُ، 16 وليَعتَرِفْ بَعضُكُم لِبَعضٍ بذُنوبِهِ، وارفَعوا دُعاءَكُم مِن أجلِ بَعضِكُم حتّى يَشفيكمُ اللهُ.
واسمَعوا، إنّ دُعاءَ الإنسانِ المَرضيِّ عِندَ اللهِ ذو وَقعٍ عَظيمٍ. 17 فقَد كانَ النَّبيُّ إلياسُ كَسائِرِ البَشَرِ، ودَعا اللهَ بِحَرارةٍ كَي لا يُنزِلَ الغَيثَ على الأرضِ. فحَلَّ الجَفافُ ثَلاثَ سِنين ونِصفَ سَنةٍ.‡ انظر كتب الأنبياء، سفر الملوك الأوّل 17: 1. 18 ثُمَّ عادَ ودَعا اللهَ، فأمطَرَتِ السَّماءُ، وأخرَجَتِ الأرضُ خَيرَها.§ انظر كتب الأنبياء، سفر الملوك الأوّل فصل 18.
اهتداء الأخ الضّال
19-20 إخوتي في الإيمانِ اعلَموا عِلمَ اليَقينِ، إن كانَ أحَدُكُم ضالاً عن سَبيلِ الحَقِّ وأعادَهُ أخوهُ إلى الصِّراطِ المُستَقيمِ، فقد أنقَذَهُ مِنَ الهَلاكِ وخَلَّصَهُ مِن خَطايا كَثيرةٍ!
*الفصل الخامس:4 اعتمد عدد كبير من العمّال في فلسطين في القرن الأوّل للميلاد على أجرة يوميّة لشراء الطّعام لأنفسهم ولعائلاتهم، وكلّ تأخير في دفع الأجرة لهم يُعتبر حكما عليهم بالجوع. ويشير يعقوب هنا إلى أنّ التّوراة قد نهت عن تأخير في دفع أجور العمّال ولو ليلة واحدة، لأنّ الله ينتقم للعامل المظلوم (انظر التّوراة، سفر اللاّويين 19: 13 وسفر التّثنية 24: 14- 15).
†الفصل الخامس:7 يؤكّد الحواري يعقوب لقرّائه أنّ مضطهِديهم سينالون عقابهم، لذلك عليهم بالصّبر وانتظار عدالة الله وتجنّب العنف. وهذا لا يعني سكوتهم عن الظّلم أو منعهم من المقاومة بطريقة سلميّة.
‡الفصل الخامس:17 انظر كتب الأنبياء، سفر الملوك الأوّل 17: 1.
§الفصل الخامس:18 انظر كتب الأنبياء، سفر الملوك الأوّل فصل 18.